روائع مختارة | بنك الاستشارات | استشارات أسرية | أخي الصغير.. ومشاكله مع الدراسة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > بنك الاستشارات > استشارات أسرية > أخي الصغير.. ومشاكله مع الدراسة


  أخي الصغير.. ومشاكله مع الدراسة
     عدد مرات المشاهدة: 2223        عدد مرات الإرسال: 0

السؤال.. السلام عليكم,,, لدي أخ يبلغ من العمر 11 سنة, ولكنه متعب جدا, فمنذ مرحلة الروضة -أي من عمر 4 سنوات- كان يبكي بكاء شديدا, ولا يحب الذهاب للروضة، وأنا أعترف أنه كان هناك تساهل من قبلنا, فكان يمر الأسبوع والعشرة أيام بدون ذهابه للروضة.

ومنذ دخوله للابتدائي مرت 3 سنين بدون أن يدرس, يذهب للمدرسة ويبكي, ثم كف عن البكاء, وبدأ بالجلوس في الحمامات, والهروب من الحصص, ومحاولة الهروب من المدرسة, فهو لا يحب الدراسة إطلاقا، مع العلم أن أصدقاءه في الصف يحبونه ويحبهم ويلعب معهم, فلا توجد مشاكل من ناحية الزملاء, ولا حتى المدرسات اللائي أظهرن حبهن وتعاطفهن معه.

ولكنه بدأ يجادل المدرسات, وبدأت المدرسات يفقدن سيطرتهن عليه، وتم نقله إلى مدرسة فيها مدرسون وليس مدرسات، وفي بداية الأمر التزم وكان خائفا من الشدة، ولكنه بعد مدة بدأ بعدم الخوف, فبدأ بالرد على المدرسين حتى إنه يجادل المدرس الذي كان يخاف منه خوفا شديدا, ويقول له: إنك إذا ضربتني سوف يقوم والداي بشكوى ضدك, مع العلم أن والدي سمح للمدرس باستخدام الشدة مع أخي, وأعطاه كافة الصلاحيات سواء بالصراخ أو الضرب, وكان المدرس يعاقبه إذا لم يلتزم، ومن ضمن العقاب عدم خروجه إلى الفرصة "الفسحة" وبقاءه بالصف، إلا أن أخي حاول جاهداً التخلص من العقاب, وفعلا نجح, فقد هدد المدرس بإلقاء نفسه من النافذة إذا لم يسمح له بالخروج.

وللأسف فقد رسب في الصف الرابع الابتدائي، وواضح جدا أنه سوف يرسب في الصف الخامس أيضا.

وأخي الآن لا يستطيع أي شخص في المدرسة -من عامل النظافة إلى ناظر المدرسة - أن يقنع هذا الولد بالدخول للصف، فهو يحب المدرسة الآن لكي يذهب ويلعب مع أصدقائه فقط, فهو لا يحضر الدروس, ويظل يتمشى في المدرسة, ويلعب مع أصدقائه في الفسحة, وبين حصص الدراسة فقط.

قمنا باستخدام الشدة والحرمان معه فلم يجد، قدمنا له كل الإغراءات من أجهزة وألعاب وغيره ولم تأت بنتيجة، حقيقه إنه ولد متعب, ومستقبله بدأ يضيع, فهو لا يجيد القراءة ولا الكتابة بشكل جيد, وهو في الصف الخامس, لأن قوانين التربية لدينا أنه لا سقوط في أول ثلاث سنين من الدراسة.

عندما أحاول إقناعه لا يبدي لي أي اهتمام, ويقوم بالضحك وتقليدي، وفي بعض الأحيان "بدون جدية" يقول لي: كلنا سوف نموت فما فائدة الدراسة؟ ويضحك، حاولت إقناعه مرارا وتكرارا, وهو يعلم أن الصواب هو حضوره للدروس ولكنه لا يريد ذلك أبدا، قمنا بكافة جهودنا, وقد حضر عدة جلسات مع أكثر من أخصائي ودكتور نفسي, ولم تكن هناك أي نتيجة.

الولد ذكي جدا, وقد قام باختبار الذكاء, وتبين أن مستواه أفضل من مستوى كثير من الطلبة الذين يحضرون الدروس بانتظام، فهو يعرف جميع أجهزة التكنولوجيا, وله إيميل, ويستخدم الإنترنت واليوتيوب وغيره، ولكن حالته محيرة جدا، وصلت بنا إلى اليأس, وأنا فعلا لا أستطيع أن أتخيله يوما يحضّر دروسه.

نعتذر على الإطالة, ونرجو الإفادة, بارك الله فيكم.

الإجابــة.. بسم الله الرحمن الرحيم

الأخ الفاضل/ بو أحمد حفظه الله.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فمشكلة هذا الصغير لم تبدأ كنوع من الخوف من المدرسة أو الذهاب إلى المدرسة، إنما الذي حدث له ما نسميه بقلق الفراق، أي أنه لا يود أن يذهب إلى المدرسة لأنه يحس أن البيت فيه أمان أكثر.

الأمهات والآباء قد يختلط عليهم هذا الأمر، إذا رفض الطفل الذهاب إلى المدرسة أو أبدى بعض الأعذار المرضية فيكون الاعتقاد السائد هو أنه يخاف من المدرسة, هذه ليست الحقيقة، الحقيقة أن الطفل يقارن ما بين المدرسة وما بين البيت، ويحس أن الأمان بالنسبة له متوفر أكثر في البيت وذلك نسبة لالتصاقه أو قُربه من شخص معين داخل المنزل.

وحالة هذا الطفل - حفظه الله - يجب أن تناقش من ثلاث محاور:

هل المشكلة لدى الطفل؟

أو المشكلة في المدرسة؟

أم المشكلة في البيت؟ -مع تقديرنا واحترامنا لأسرتكم-.

يظهر أن العوامل الثلاثة قد تمازجت مع بعضها البعض، وأنتجت لنا هذا السلوك، والذي تحول من قلق الفراق لأمان المنزل إلى نوع من التسرب الدراسي، فأصبح الآن يمكن أن يذهب إلى المدرسة ولكن لا يدخل الفصل، وهذا أكثر تعقيدًا من رفض المدرسة أو البحث عن أمان المنزل.

أسس العلاج سوف تظل كما هي، وهي أن نرغب هذا الطفل، أن لا نكثر من انتقاده، أن نجعله يستشعر قيمة العلم والتعليم، وذلك بأن يذهب به إلى المدرسة مع شخص يشعر بالأمان حين يكون في رفقته، كالوالد أو الوالدة أو أخ أو أخت، أي شخص، ولمدة أسبوع كامل يتواجد معه هذا الشخص داخل المدرسة، وذلك بالاتفاق مع إدارة المدرسة، وكلما رجع من المدرسة يجب أن يُثنى عليه، ويجب أن يحفز, ويجب أن يُشجع, وأن نشعره بأنه قد أدى إنجازًا كبيرًا وعظيمًا, هذه طريقة مهمة ومفيدة.

ويجب أن يكون هنالك اتفاق مع المدرسة أيضًا عن طريق أحد المعلمين، مربي الصف أو الباحث الاجتماعي أو الأخصائي النفسي، أن تكون هنالك خطوات ترغيبية يومية للطفل داخل المدرسة.

بعض الأسر تتفق مع المعلمين وتعطي هدايا ليقوم المعلم بإعطائها، وأحيانًا الكلمة الطيبة والكلمة المشجعة والمحفزة هي أكبر هدية يمكن أن تُقدم إلى الطفل.

لابد أيضًا أن يكون هنالك تركيز من جانب الأسرة على مقدراته الأخرى، لا نركز فقط على أمر الدراسة، لكن نحاول أن نطور شخصيته، مهاراته، ونحفزه ونشجعه، مثلاً حين يعتني بملابسه وبمظهره ونظافته الشخصية، هذا نحفزه عليه، حين يستقبل ضيفًا داخل المنزل, هذا نحفزه عليه، هذه كلها أمور مهمة جدًّا.

الأمر الثالث وهو مهم جدًّا: هو أن نساعده على إدارة وقته، يجب أن نبدأ بتخصيص وقت للعب، قبل أن نخصص له وقتا للمدرسة أو لأي واجبات أخرى يكرهها، نطلب منه أن يلعب من الساعة كذا إلى الساعة كذا في الأشياء التي يحبها ويفضلها, نسمح له مثلاً بالخروج في عطلة نهاية الأسبوع مع المؤتمنين من أصحابه ورفاقه مع شيء من التوجيه والإرشاد، نجعله يمارس أي نوع من الرياضة، مع زملائه أو عن طريق أحد الأندية ذات السيرة الحسنة, هذه كلها أمور إذا أخذناها متكاملة سوف تساعد هذا الطفل، لكننا إذا كنا فقط نركز على موضوع الدراسة, وكان هناك نوع من العنف المختلط بالتحفيز في بعض الأحيان فهذا لن يفيد الطفل كثيرًا.

وأمر آخر مهم جدًّا وهو أن نشعر الطفل بوجوده داخل الأسرة وأنه في أمان، وذلك بأن نشعره بأنه محبوب, بأنه مقدر، نثني عليه بالكلمات الطيبة، يُستشار في شؤون الأسرة، حتى وإن كان القرار سوف يتخذه الوالد أو الوالدة أو الكبار من الإخوان والأخوات، لكن إشعاره بكينونته, إشعاره بأنه له أهمية, وأن رأيه مقدر, وأن شخصيته معتبرة, ومحترمة، هذا يحث الناس -خاصة الأطفال- للاجتهاد والرغبة في الدراسة إن شاء الله تعالى.

بعض الأحيان تعطى أدوية لهؤلاء الأطفال بحجة أنه ربما يكون لديهم اكتئاب خفي، وهنالك دواء يسمى باسم (تفرانيل) واسمه العلمي هو (إمبرامين) يعطى بجرعة صغيرة كعشرة مليجرام يوميًا، لكن أنا لا أحبذ أن يُعطى الدواء إلا تحت إشراف طبي من طبيب نفسي.

هذا هو الذي أود أن أذكره وأراه، وأسأل الله له التوفيق والسداد، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

الكاتب: د. محمد عبد العليم

المصدر: موقع إسلام ويب